انت الأن تتابع خبر دراسة: لاعلاقة بين الاكتئاب ونقص هرمون السعادة والأن مع التفاصيل
رياض - احمد صلاح - كشفت دراسات علمية وطبية حديثة ان الاكتئاب الذي يعاني منه بعض الاشخاص لا علاقة له بنقص "هرمون السعادة" أو ما يعرف علميًا بإسم " نقص مستوى هرمون السيروتونين "، وزادت الدراسات على ذلك ، أن أدوية مُثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية لا تُعالج الاكتئاب .
والسبب في شهرة نظرية الربط بين هرمون السعادة والاكتئاب ببساطة هي شركات الأدوية، التي وجدت الفرصة سانحةً أمامها لتحقيق مليارات الدولارات كأرباح، عن طريق استخدام مادة كيميائية تستطيع تغيير مادة كيميائية أخرى ألا وهي السيروتونين، وهذه المادة ربما تُعالج المشكلة التي لا يوجد حل لها حتى الآن ألا وهي الاكتئاب.
وجدت هذه الفكرة قبولاً كبيرًا جدًا سواء بين مرضى الاكتئاب، أو حتى من الأطباء الذين وجدوا أخيرًا حلاً لمشكلة مرضاهم، ففي عام 1965، قدم الباحثان "سيمور كيتي" و"جوزيف شيلدكرت" نظرية عدم توازن كيمياء المخ على أنها السبب الرئيس في الإصابة بالاكتئاب، لكن هذه النظرية لم تُجب على العديد من الأسئلة منها كيف تعمل هذه النظرية؟ وما هي المستويات المناسبة للسيروتونين كي يُحافظ الشخص على صحته العقلية؟ وبسبب عجزها عن الإجابة على هذه الأسئلة رُفضت النظرية بشدة في الأوساط العلمية.
الأدلة على عدم صحة نظرية "عدم توازن كيمياء المخ"
على الرغم من انتشار قبول هذه النظرية بين عدد كبير من المرضى والأطباء منذ تسعينيات القرن الماضي، فإنّه توجد العديد من الأبحاث والدراسات التي أثبتت خطأ هذه النظرية، ففي دراسة نُشرت حديثًا أثبتت أن هذه النظرية خطأً تمامًا، كما توضح أن مرضى الاكتئاب المزمن لديهم نفس مستويات السيروتونين في الأشخاص غير المُصابين بالاكتئاب.
وراجعت الباحثة "جوانا مونكريف" من جامعة لندن 17 دراسة سابقة، وتضمنت هذه الدراسة أكثر من 160 ألف مشارك، وفي نهاية المراجعة استنتجت "مونكريف" أنه لا توجد علاقة بين الاكتئاب وكيمياء المخ، ولم تكن "مونكريف" أول باحثة تُثبت هذا الأمر، لأنه توجد العديد من الدراسات السابقة توضح الأمر نفسه.
في عام 2005 قال "جيفري لاكاسا" من جامعة فلوريدا: "لا يوجد مقال علمي واحد يدعم نظرية عدم توازن كيمياء المخ، أو أن نقص مستوى السيروتونين قد يُسبب أي اضطرابات عقلية، وعلى العكس تمامًا فإنه توجد العديد من الأدلة العلمية التي تدعم خطأ هذه النظرية".
المشكلة الأكبر التي تواجه الأدلة التي تُثبت خطأ نظرية عدم توازن كيمياء المخ، أن الرأي العام، والغالبية الكبرى من الأطباء وبعض المتخصصين في علم النفس والأمراض النفسية مؤمنين بهذه النظرية، وفي أحد استطلاعات الرأي وجد 80% من المشاركين أن نظرية عدم توازن كيمياء المخ نظرية حقيقية.
وبناءً على شهرة هذه النظرية فإن استخدام مُثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية انتشر جدًا بين الناس، وأوضحت إحدى المراجعات أن نسبة هذه الأدوية في السوق الدوائية سوف تزيد بنسبة 22.5% في الفترة من 2020 إلى 2027، وسوف تبلغ مبيعاتها ما يقرب من 18.29 مليار دولار سنويًا.
في كتاب Diagnostic and Statistical Manual Of Mental Disorder الذي يُعد أهم كتاب طبي في الاضطرابات العقلية، لم يَعُدّ أن نقص مستوى السيروتونين من أسباب الإصابة بالاكتئاب من الأساس، ولم يقتنع مرجع The American Psychiatric Press Textbook Of Clinical Psychiatry، بنظرية عدم توازن كيمياء المخ، وببساطة يوضح أنها نظرية لم تُثبت علميًّا بعد.
استطاع العلماء إثبات خطأ هذه النظرية حتى قبل انتشار مُثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية، ففي عام 1975 أحضر العلماء مجموعة من مرضى الاكتئاب، ورفعوا مستوى السيروتونين لديهم عن طريق إعطائهم دواءً يُسمى L-tryptophan وهو حمض أميني يتحول في الجسم إلى سيروتونين، وفي نهاية التجربة قال المشاركون إنهم لم يشعروا بأي تحسن على مستوى حالتهم العقلية أو النفسية.
على الرغم من احتجاجات الطب النفسي وأدلتهم العلمية الكثيرة التي تُثبت خطأ هذه النظرية، فإنّه يوجد مجموعة كبيرة من أطباء الطب النفسي مؤمنين وسعداء بهذه النظرية. ويقول أحد زملاء الباحثة "مونكروفتي" يُسمى "مارك هوروفيتز": "طوال حياتي علمني أساتذتي أن السبب في الاكتئاب هو نقص السيروتونين، وعلمت أيضًا هذا لتلامذتي، لكن بعد مشاركتي في هذه الدراسة، شعرت أن كل ما تعلمته في حياتي كان خطأً".
في كوبنهاغن راجع العلماء 131 دراسة، ولم يجدوا فيها أي إثبات علمي على هذه النظرية، وما وجدوه فقط هو الآثار الجانبية الخطيرة لأدوية SSRI التي تشمل الغثيان، والدوخة، والصداع، والأفكار الانتحارية، وفي بعض الأحيان قد تُسبب الانتحار بالفعل. وفي دراسات أخرى وجد العلماء أن العلاجات التي لا تعتمد على تغيير كيمياء المخ لها نفس تأثير الـ SSRI، وفي إحدى المراجعات وجد العلماء أن دواء يُسمى Tricyclic الذي ينتمي لعائلة أخرى من أدوية علاج الاكتئاب، يعمل بنفس طريقة الـ SSRI وله نفس التأثير.
الأدهى من ذلك أن العلماء وجدوا أن الوصفات الطبيعية لها تأثير أقوى من الـ SSRI، ولها آثار جانبية أقل، كما وجد العلماء أن الـ Placebo وهي مادة يُعطيها العلماء للمرضى في الدراسات العلمية ولكنها ليست دواء لقياس مفعول الدواء الآخر، وجد العلماء أن تأثير هذه المادة تفوق على تأثير الـ SSRI.
0 تعليق